الطلاق حسرة وندم- قصه طويله

الطلاق حسرة وندم

عندما تزوج جمال من الفتاة التي رق لها قلبه لاول
مرة لم يبخل عليها بشيء كانت بنظره الزوجة التي طالما
حلم الاقتران بها رشيقة القوام جذابة جميلة وحسنة
الوجه و المظهر وعدها أن يحقق لها أحلامها كلها بشرط
واحد فقط ان تطيعه في ما يأمر وينهي وان لا تعصي له
أمرا أبدا فمنع عنها فتح النافذة أو الاختلاط مع الجيران
أو الخروج من المنزل دون أذن مسبق أو رفع الصوت
كان يظن انها سوف ترفض لكنه فوجئ بموافقتها السريعة
لشروطه الشديدة وافقت مريم دون ان تتردد لحظة واحدة
نفذت تعليماته وأوامره حرفيا لحبها له عاشا معا عاما
كاملا في مودة ورحمة وسعادة كاملة وجو تسوده المحبة
والسكينة ولكن كما يقال السعادة كالشقاء لا يدومان أبدا
بدأت غيرة جمال على زوجته تجاوز حدودها فهو يعاقبها
على أشياء وهمية ليس لها وجود شيئا فشيئا تباعدت
بينهما المسافات بدا يفقد أعصابه يثور لاتفه الأسباب
يغضب لمجرد خروجها من النافذة بدا الحب الكبير يضعف
بدأت الخلافات تدب بينها تحول جو البيت إلى ساحة معركة
بدا النزاع والشقاق فرض النشوز نفسه وهكذا تحول
الحب الكبير إلى قنبلة موقوتة انفجرت بموعدها طلقها جمال
طلقة واحدة ظل جمال بين مد وجزر لم يصبر على فراق
مريم وابنهما عمر طلب مراجعتها وافقت المسكينة دون
تردد انه الحب كان جمال حنونا في أيام العودة الأولى ولكن
بعد اشهر قليلة من المراجعة بدأت الأحوال تتغير والخلافات
تظهر مرة أخرى حل الشقاق محل الوفاق إنها غيرة جمال
القاتلة احتارت المسكينة ماذا تفعل زاد الألم واشتدت المحنة
أعلنت السعادة تمردها مرة ثانية لتنسحب من العش الجميل
وما هي إلا لحظات حتى طلقها جمال طلقة ثانية وعلى عادته
لم يصبر جمال على فراقها وما أن انقضت عدتها حتى عاد
مرة ثانية ولكنها في هذه المرة أكدت له أن سلوكه بالشك
ترفضه فهو على وهم وحذرته من الطلقة الثالثة ولكن يبدو
ان تحذيراتها ضاعت هباءا عاشا معا فترة من الزمن أنجبت
له ثلاثة أبناء استمرت بينهما الخلافات والمشاكل بسبب
جمال وغيرته القاتلة أهمل جمال تجارته وتفرغ لمراقبة
زوجته وسوكها تراكمت ديونه وباع محله وعندما عاتبته
زوجته ثار ثورة عارمة وصفعها على وجهها ثم صاح بها
أنت طالق طلقها الثالثة وكالمعتاد عاد سريعا يسترضيها
ويعرض عليها محللا شرعيا حتى يتسنى له الزواج منها
مرة ثانية رفضت بشدة وقالت له يا جمال هذا الحل سوف
يرضيك ولكنه يغضب الله عز وجل اتق الله في نفسك ألم
تسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لعن الله المحلل والمحلل له )
لم يعجب جمال هذا الكلام ثار أخذته العزة بالإثم ولم
تمر بضعة ثوان إلا وسمع صوت إطلاق النار صوب
عليها طلقة من مسدسه في لحظة غضب على سبيل التهديد
لكن الطلقة اخترقت أحشاءها ونفذت من ظهرها سقطت
إلى الأرض وسط بركة من الدماء أجريت لها عدة عمليات
جراحية وكتب الله لها النجاة والشفاء قبضت الشرطة على
جمال وهو في حالة ويكاد يكلم نفسه ماذا فعلت وكيف؟
اعترف بجريمته وهو يبكي كالأطفال على تلك اللحظات
الشيطانية التي ارتكب فيها جريمته المنكرة ما زلت احبها
أريدها أريد أولادي أرجوكم زوجتي أولادي أرجوكم حبسته
النيابة وقدمته للمحاكمة بتهمة الشروع في جريمة قتل
وعندما تماثلت مريم للشفاء حضرت في آخر الجلسات
لتفاجئ الجميع وتتنازل عن حقها كاملا حقا انه موقف
أنساني نبيل قلما يحدث في هذا الزمن لقد أنقذ ته من السجن
ومن الأشغال الشاقة ظلت إلى جواره حتى قضت المحكمة
بإيقاف تنفيذ الحكم بسجن جمال خرج من المحكمة يقبل
أطفاله الثلاثة ويعتذر بانكسار إلى طليقته ودار هذا الحوار
الهادئ بدأه جمال بسؤال غلبت معه دموعه لماذا يا مريم
تنازلت عن حقك في القضية؟ردت عليه تذكرت قوله تعالى
( وان تعفوا اقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم ان الله بما تعملون بصير )
وأنت كنت لى نعم الزوج وبيننا رحلة عمر جميلة ولكنها
غيرتك القاتلة وتسرعك وعدم تريثك في أمر الطلاق رغم
تحذيراتي لك وتضيف : لقد أخطأت في حساباتك والان
برزت النتائج فأنت السبب في هذه النهاية المؤلمة؟ رد عليها
والان ما الحل يا مريم؟ ردت عليه الطريق مسدود كل شيء
قد انتهى عملت المستحيل لاوقف لهيب المشاكل المستمر
بيننا ولكن دون..... قاطعها جمال وفي استنكار بالغ يسال
مريم ماذا تقصدين؟ وقبل أن يكمل قاطعته مريم بطلقة قاتلة
في القلب طلقة لا تطلق من مسدس لكنها خرجت من فمها
كصاروخ لقد تزوجت رجل آخر يا جمال شلت الصدمة تفكيره
تألم جدا من كلامها إذ أحدثت الكلمات هزة نفسية كبيرة لجمال
وظل صوتها يحاصره من كل جانب وإذ لم يتخيل أن تكون لرجل
آخر خلفته مريم وراءها لم تهتم بعدها تركته وانصرفت مع
أطفالها الثلاثة ركبت سيارة زوجها الجديدة الذي كان ينتظرها
خارج المحكمة وجد جمال نفسه وحيدا ساءت صحته اكثر أصيب
بالربو والضغط والسكري لقد خسر كل شيء حتى البيت ضاع
منه مع الزوجة والأطفال حاصرته الأمراض لم يجد غير شقة
قديمة استأجرها في الشارع الذي احب فيها مريم من النظرة
الأولى وبنبرات خفيفة كسيرة يملؤها الحزن والألم قال جمال
اعترف أنى أخطأت ولكن هل ينفع الندم بعد فوات الأوان
وبعد لحظات من الصمت يستطرد بصعوبة بالغة في نبرات
حزينة الآن فقط أدركت المعنى العظيم في قوله تعالى :
( وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى أن تكرهوا
شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) ولا املك في نهاية القصة
إلا أن نذكر بما أوصانا به ديننا الحنيف يقول الرسول صلى
الله عليه وسلم ( لا يفرك مؤمن مؤمنة _ أي لا يبغضها بغضا
يؤدي إلى تركها _ إن كره منها خلقا رضي منها آخر ) أو قال( غيره )