الشـك في النسـب - قصه طويله

الشـك في النسـب

الشك عندما يجاوز حدوده الشرعية يتحول الى وساوس شيطانية تفقد العقل صوابه فلا تجعله يميز الخير والشر . والقصة التي بين ايدينا خير شاهد على العبارة السابقة....

أب يبشر بمولودته الاولى.. ولكنه بدل ان يفرح ويستبشر خيرا بولادتها ظل وجهه مسودا وهو كظيم .. يشك في سلوك زوجته ، ونسب ابنته لمجرد انها ابنة سبعة اشهر !! اي انها ولدت قاصرا .. تمكن الشيطان منه فلم يدر بنفسه الا وهو يلقي بهذه الطفلة البريئة التي لم تمر سوى ساعات قليلة على ولادتها الى الشارع ... تكابد الجوع والبرد الشديد ! متى حدث هذا ؟.. واين ؟ وما ذنب الطفلة الصغيرة ؟

هذا ما سنعرفه من خلال عرضنا للقصة العجيبة والغريبة التالية، والتي ترويها لنا الاخت الكريمة كاميليا العربي المذيعة سابقا بالتلفزيون المصري والمديرة حاليا لدار احباب الله للايتام حيث تقول :

جاء الينا ضابط بقسم المعادي ليسلمنا طفلة لقيطة واخبرني ان احد الاشخاص وجدها في الشارع فسلمها لقسم الشرطة . طلب مني الضابط التوقيع على استلامها .. فوقعت على المحضر وبدات اتفحص الطفلة.. وكان اول ما لفت نظري فيها انها كانت ملفوفة في جلباب قديم .. ويوجد على جسدها دماء اثار الولاة.. فادركت ان عمرها لا يتجاوز الساعات القليلة !!.. كما كانت مظاهر الاعياء بادية عليها.. فاعطيتها لاحدى المربيات، وطلبت منها ان تنظفها وتبدل ملابسها ... وبعد لحظات جاءتني المربية لتخبرني انها وجدت سوارا من البلاستيك حول معصم الطفلة عليه كلمات تقول : ( انثى ... بنت وفاء ) طلبت منها ان تحفظه في ملف الطفلة.

وبعد اسبوع فوجئت برجل يدخل مكتبي... وبكلام مبعثر غير مترابط يسالني عن طفلة جاءت الى الدار منذ اسبوع !..فاخبرته ان هناك العديد من الاطفال ياتون الينا .. اعطاني اوصافها واوصاف السوار الذي كان موضوعا على يدها .. تعجبت من ذلك وسالته عن صلته بالبنت.. فقال لي انه اباها !! فوجئت لجوابه .. وبسرعة سالته عما حدث لها .. جلس على الكرسي باسترخاء.. وجعل يتامل ثم قال : امها هي التي القت بها في الشارع ، لانها كانت تخشى غضبي اذا كان المولود بنتا وليس ولدا !!

لم اصدق حديثه ، خاصة انه كان يتلعثم في كلامه .. لكنني تظاهرت عكس ذلك .. وطلبت منه ان يحضر ام البنت كي تتسلمها معه .. فاخذ يرجوني ان اعطيه الطفلة دون حاجة لوجود امها !!.. رفضت طبعا فخرج مسرعا وجاء بعد اسبوع مع ضابط شرطة ، وكرر طلبه لاستلام الطفلة .. فرفضت الا في وجود امها .. ثم طلب مني ان يرى ابنته .. فاحضرت اربعة اطفال بينهم ابنته ، وعرضتهم عليه .. فنظر اليها وعرفها من وسط الاطفال الاخرين واحتضنها . ورغم محاولاتي في ان اشككه في انها ابنته الا انه تمسك بها وهو يبكي بشدة .. وكرر طلبه ان اعطيها له ، فرفضت .. فكانت المفاجأة......

اخبرني بان امها لا تعلم بوجودها على قيد الحياة !!.. وهنا ، سالته ان يخبرني بحقيقة قصته كاملة دون لف ودوران او تزييف ..

الحقيقة.. !

قال وقد بدأ الخجل يرتسم على وجهه :

تزوجت منذ ثمانية اشهر .. ووجدت زوجتي تنجب بعد سبعة اشهر من زواجنا .. تسلل الشك الى نفسي ( كيف حدث هذا ؟)... همز الشيطان في اذني : انها ليست ابنتك !! استسلمت لوسوسته .. بدات البحث عن حل يخلصني من حالتي النفسية ! .. من هذه الطفلة باسرع وقت ممكن .. انها عمل غير صالح !

يصمت قليلا .. محاولا حبس دموعه .. ثم يضيف قائلا :

وما ان وضعت زوجتي طفلتها .. حتى اخذتها من المستشفى والقيت بها في الشارع .. وعدت الى زوجتي واخبرتها بان الطفلة قد ماتت !!.. وكذلك سولت لي نفسي .

ويستطرد الاب حديثه بنبرات حزينة :

كنت بين مد وجزر .. وبعد اسبوع من الحادثة قابلت احد الاطباء وسالته عن امكانية ان تنجب المراة بعد زواجها بسبعة اشهر .. فاكد لي الطبيب ان هذا الوضع يتكرر كثيرا جدا حيث يولد الطفل ناقص النمو ! .. فقد تلد المراة بعد 6 شهور من زواجها .. وكذلك قد تلد قبل الشهور التسعة باسبوعين او بعدها باسبوعين ..

لحظتها .. ضاقت علي الارض بما رحبت .. وضاقت علي نفسي .. عدت الى رشدي وادركت مدى بشاعة فعلتي .. فذهبت مسرعا الى قسم الشرطة ، وعرفت هناك ان ابنتي حية ترزق .. وموجودة في دار احباب الله للايتام فجئت هنا كي اخذها معي .

وتكمل الاخت كاميليا حديثها قائلة :

لم اتمالك نفسي من ان وبخته على فعلته ، واخبرته بانني لن اعطيه البنت الا اذا حضرت امها الى الدار بنفسها .. ويتم تصويره للتلفزيون لكي يتعظ غيره من الآباء.. ولكنه رفض بشدة ورجاني ان استر عليه .. ويكفيه تانيب ضميره له .. وطلب مني الا اذكر اسمه او اسم ابنته للصحف .. فوعدته بذلك ، وانصرف على ان ياتي بزوجته في اليوم التالي .... ولكنه جاء بعد اسبوع كامل ومعه زوجته واستلما ابنتهما !

كان موقفا مؤثرا للغاية عندما جاء الاب وزوجته ليستلما طفلتهما.... لم ينطقا سوى بكلمة واحدة ( الحمد لله ) .. خاصة الام التي لم تتمالك نفسها من البكاء .. لانها اعتقدت ان ابنتها ماتت فوجدتها حية ترزق امام عينيها مرة اخرى !! ... يا له من موقف....

وقفة لابد منها ...!

لاشك ان هذه الحادثة تجعلنا ندق ناقوس الخطر .. ونذكر هذا الزوج وامثاله محذرين من العقاب الرباني الشديد للذين يتسرعون ويرمون المحصنات الغافلات المؤمنات بدون دليل قاطع ، قال تعالى : ( ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم )

يا له من عقاب .. لعنة في الدنيا ، وعذاب عظيم اليم في الاخرة ... لماذا يا ترى ؟

والجواب والله اعلم كما اشار اليه الامام سيد قطب رحمه الله عند تفسيره لسورة النور : ذلك لان ترك الالسنة تلقي التهم على المحصنات العفيفات الطاهرات بدون دليل قاطع ، يترك المجال فسيحا ويفتح الباب على مصراعيه لكل من شاء ان يقذف بريئة او بريئا بتلك التهمة النكراء ، ثم يمضي آمنا مطمئنا !! فتصبح الجماعة وتمسي ، واذا اعراضها مجرحة ، واذا كل زوج فيها شاك في فرد فيها متهم او مهدد بالاتهام ، واذا كل زوج فيها شاك في زوجته ، وكل رجل شاك في اصله ، وكل بيت فيها مهدد بالانهيار .... وهي حالة من الشك والقلق والريبة لا تطاق ابدا.

.

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

++ اعوذو بلله من اشيطان ارجيم ++
شـكــ وباركـــ
الله فيك ـــرا لك ...
لكـــ منـــي أجمـــل تحـــية .

كلام جميل وهادف
ابــداعــ واصــل ابــداعكــ
بارك الله فيك
تــقبــل مـروري